كتب ـ سعيد بن علي الهنائي:
تعد الثروة السمكية من المصادر الاقتصادية المهمة للعديد من الدول في العالم ومن نواحي عديدة كمصدر للغذاء وتحقيق الدخل للفرد وللبلد وفي توفير فرص عمل وتوطين تطبيقات التكنولوجيا الحديثة ويزداد أهمية الثروة السمكية في زيادة الإنتاج الغذائي مع الأزمات الغذائية المتلاحقة والتي يشهدها العالم حيث ينظر الكثيرون من العلماء والمختصين إلى البحر على أنه الورقة الرابحة في مواجهة خطر المجاعات التي تهدد العالم اجتماعيا واقتصاديا وتعرض استقراره للخطر. ومن المعلوم إن الثروة السمكية في العالم تعرضت للكثير من الاستنزاف والاستغلال السيئ بواسطة الصيد غير الرشيد وكانت النتائج والآثار السلبية ظاهرة وبشكل واضح حيث اختفت أنواع عديدة من الأسماك وقلت كميات المصيد لأنواع أخرى وتدهورت المصايد السمكية وأصبح الكثير من الصيادين في العالم يعانون من قلة الإنتاجية من رحلات الصيد وبالتالي قلة العائد المادي من عملهم في الصيد مما يهدد استقرارهم وعائلاتهم اقتصاديا واجتماعيا هنا وأمام هذه المشكلة يتضح مدى أهمية الاستغلال المناسب للثروة السمكية وتطوير وتنمية المصايد السمكية والمحافظة عليها لتحقيق الهدف الآني القريب وهو الاستغلال الأمثل للثروة السمكية والهدف البعيد المدى وهو استدامة الثروة السمكية للأجيال القادمة – بإذن الله تعالى – وذلك يتحقق عن طريق تحقيق التنمية السمكية المستدامة التي تأخذ أبعادا عديدة تشمل التسويق والتصنيع والاستزراع السمكي والبحوث والدراسات والصيادين والعاملين في قطاع الثروة السمكية.( صفحة الزراعة والثروة السمكية ) تابعت الموضوع والتفاصيل خلال السطور التالية.
اهتمام عالمي
إن العالم بدأ يشعر بوطأة وثقل الآثار السلبية لاستنزاف الثروة السمكية والاعتداء على البيئة البحرية فالثمن المدفوع باهظ وخاصة أنه امتد إلى البشر أنفسهم فالتغيرات المناخية القاسية في المسطحات المائية من بحار ومحيطات حصدت أرواح البشر وقلت الإنتاجية من الأسماك فعرضت أمنهم الغذائي للخطر! لذا فإننا نشهد اليوم جهودا كبيرة وخطوات جادة للتقليل من مخاطر الاستغلال السيئ للثروة السمكية فالمنظمات السمكية الدولية والإقليمية تعمل بالتعاون مع الدول بشكل جماعي ومنظم ويشمل جوانب علمية وبحثية وقانونية تبشر بالخير في قادم الأيام بإذن الله تعالى .
تنظيم مستمر
في السلطنة – ولله الحمد – كان العمل ومنذ وقت مبكر يتجه نحو استغلال الثروة السمكية بشكل متوازن يجمع بين الاحتياجات الحالية ومتطلبات المستقبل وتم تطوير الإطار القانوني الذي ينظم العمل في قطاع الثروة السمكية وفي نفس الوقت تم التركيز على الجانب الإرشادي والتوعوي لتعريف الصيادين ببعض الممارسات الخاطئة والمضرة بالثروة السمكية والبيئة البحرية وكانت النتائج الايجابية هي ثمرة تلك الجهود ومثلما يقال : الوقاية خير من العلاج !! وفي الإطار القانوني أيضا أصدرت السلطنة قانون الصيد البحري وحماية الثروة المائية الحية الذي ينظم العمل في القطاع السمكي بالسلطنة حيث حدد القانون ولائحته التنفيذية الوسائل والسبل التي من شأنها حماية وتنمية وحسن استغلال الثروات المائية الحية في المياه العمانية كما تضمن القانون الشروط والأحكام الخاصة بتراخيص الصيد وإجراءات إصدارها وتحديد فئات رسومها إلى جانب تحديد مواصفات سفن الصيد والأجهزة والمعدات المسموح باستخدامها في الصيد وكذلك تحديد المواقع التي يمنع الصيد فيها موسمياً وأنواع الثروات المائية التي يمنع صيدها لأجل محدد أو غير محدد إلى جانب تحديد كميات الثروات المائية الحية التي يصرح بصيدها في مواسم معينة حسب نوعها كما أشار القانون إلى حظر صيد الثروات المائية في مواسم الإخصاب والتكاثر التي تحددها وزارة الزراعة و الثروة السمكية ويؤدي الرقابة السمكية دورا محوريا وكبيرا في الحفاظ على الثروات المائية للبلاد والتحقق من تطبيق قانون الصيد البحري ولتعزيز الدور الرقابي قامت الوزارة مؤخرا بتطبيق نظام رقابي جديد مطور وذي كفاءة عالية وذلك بالتعاون مع مؤسسة الأمن والسلامة وذلك في سبيل تطبيق قانون الصيد البحري والتقليل من ارتكاب المخالفات فقد قامت الوزارة بالتعاقد مع مؤسسة الأمن والسلامة لتوفير أفراد مدربين للتعامل مع هذه المواقف ، وقد أثبتت التجربة نجاحها وستقوم الوزارة بزيادة عدد الفرق الرقابية والاستعانة بأفراد الأمن والسلامة في السواحل العمانية خلال الفترة القادمة.
جهود متواصلة
إن عمل الرقابة السمكية يأخذ أبعادا متعددة من قانونية وإدارية وتوعية وحضارية ويمكن ملاحظة شمولية هذا العمل من الدور الذي تقوم به الرقابة السمكية فمن تطبيق قانون الصيد البحري والمحافظة على الثروة السمكية إلى توعية الصيادين ببنود قانون الصيد البحري ولائحته التنفيذية مرورا على التقليل من المخالفات السمكية للمحافظة على البيئة البحرية من التلوث وليس نهاية بتوظيف تطبيقات التكنولوجيا الحديثة في العمل الرقابي. ومع الأخذ في الاعتبار التطور الحاصل في جميع مجالات الحياة والقطاع السمكي إحداها فان وزارة الزراعة والثروة السمكية تعمل على تطوير وتحديث العمل الرقابي بالسلطنة من جميع النواحي المختلفة وفي مقدمة الأولويات نجد الاهتمام الكبير بالكادر البشري العامل في الرقابة السمكية حيث نجد الدورات التدريبية المتواصلة التي تنظمها الوزارة بالتعاون مع الجهات المختصة للمراقبين السمكيين والتي تتناول الجوانب القانونية والتشريعية والإدارية وذلك بهدف إكساب المراقبين السمكيين المهارات اللازمة لأداء عملهم ولتطبيق قانون الصيد البحري على الوجه الأمثل كما أن هناك زيارات للمراقبين السمكيين إلى الخارج للاطلاع على تجارب الدول الشقيقة والصديقة في العمل الرقابي للاستفادة من الجوانب الايجابية فيها وفي الإطار ذاته قامت الوزارة في وقت سابق بتوقيع اتفاقية مع إحدى الشركات الوطنية المتخصصة لتطوير العمل الرقابي على سواحل السلطنة بالاستعانة بتطبيقات التكنولوجيا الحديثة وبمعدات متطورة مما يؤكد على تكاملية الجهود المبذولة لتفعيل وتطوير العمل الرقابي بالسلطنة.
تعاون الصيادين
إن الجهود الكبيرة المبذولة والأهداف الموضوعة التي تساعد على استدامة الثروة السمكية وتحقيق الاستغلال الأمثل لها ومنها دور الرقابة السمكية تستدعي تجاوب الصيادين وتعاونهم لأن الهدف مشترك والنجاح يحسب للجميع . وفي نفس الإطار نظمت الوزارة خلال الفترة الماضية حلقة العمل الإقليمية حول مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وقد ناقشت الحلقة محاور عديدة ذات علاقة بالموضوع وهي : تنمية القدرات الوطنية وتشجيع التنسيق الإقليمي لتمكين البلدان من مكافحة أنشطة الصيد غير القانوني و بلورة خطة العمل الوطنية لمنع الصيد غير القانوني وردعه والقضاء عليه وتنفيذ الآليات الدولية المتعلقة بمكافحة الصيد غير القانوني واتخاذ الإجراءات المناسبة على المستوى الإقليمي كما تم أيضا عرض تجارب بعض دول المنطقة في مكافحة الصيد غير القانوني والتقليل من آثاره السلبية على الثروة السمكية والبيئة البحرية بصفة خاصة والبيئة بشكل عام إلى جانب عرض أوراق علمية عن تجارب الدول المتقدمة في مكافحة الصيد غير القانوني والجهود المبذولة للحد من مثل هذا النوع من الصيد على الدول قدمها خبراء من منظمتي الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) والهيئة الإقليمية لمصائد الأسماك (الريكوفي). إن الدور الرقابي يزداد أهمية نظراً لكون الثروة السمكية ملكية عامة متاحة لجميع المواطنين على طول الساحل العماني كان لا بد من وضع القوانين وتسخير الموارد المادية والبشرية اللازمة للمحافظة على هذه الثروة من النضوب واستدامتها للأجيال القادمة وبطريقة مثلى تحقق مصلحة الفرد والمجتمع، لذلك فان الرقابة على الموارد السمكية تحتل موقعاً مهماً ضمن آليات إدارة هذا القطاع الحيوي وتعتبر أداة تفعيل وتنفيذ خلاصة البحوث والدراسات التي يقوم بها الباحثون والدارسون والقائمون على إدارة هذه الثروة المتجددة.