إخلاء مئات المدنيين من الرمادي في تواصل عمليات التطهير وعودة الدراسة إلى جامعة تكريت

بغداد ــ وكالات:
تمكن الجيش العراقي أمس من تحرير دائرة أمن الأنبار ورفع العلم العراقي فوقها، كما أعلن تحرير منطقة الشاعي شمال قضاء حديثة في الأنبار، مؤكداَ مقتل 70 عنصراً من تنظيم (داعش). يأتي ذلك في حين أخلت القوات العراقية مئات المدنيين من مدينة الرمادي اثناء مواصلتها تطهير المدينة، في وقت عادت فيه الحياة الى اروقة جامعة تكريت بعد اغلاق دام اكثر من 15 شهرا على خلفية سيطرة الارهابيين على أجزاء واسعة من محافظة صلاح الدين.
وأطلق الجيش العراقي عملية تحرير منطقة السكران المجاورة لمنطقة الشاعي في محافظة الأنبار، معتزما تطهير المحافظة من الارهابيين.
وكان مصدر عسكري في قيادة عمليات محافظة الأنبار أفاد لكتائب الإعلام الحربي العراقي بأن "قوة من الفرقة السابعة بالجيش وافواج الطوارئ ومقاتلي العشائر تمكنوا، من تحرير منطقة الشاعي الواقعة شمال غرب ناحية بروانة شمال قضاء حديثة من سيطرة تنظيم داعش الارهابي". واضاف المصدر، أن "القوات تمكنت من قتل نحو 70 عنصرا من التنظيم فضلا عن تدمير سبع عجلات لهم خلال عملية التحرير"، مشيرا الى "انطلاق عملية تحرير منطقة السكران المجاورة لمنطقة الشاعي".
وفي الرمادي، أخلت القوات العراقية 635 مدنيا من المدينة أثناء مواصلتها عمليات التطهير بعد اسبوعين من اعلانها استعادتها من (داعش)، بحسب ما أفاد مسؤولون أمنيون. واستعادت القوات العراقية المجمع الحكومي في عاصمة محافظة الأنبار آواخر الشهر الماضي إلا أنها لم تفرض سيطرتها الكاملة على المدينة بعد. وصرح قائد العمليات الخاصة الثالثة التابعة لجهاز مكافحة الارهاب اللواء الركن سامي كاظم العارضي الاحد ان "قوة من جهاز مكافحة الإرهاب وشرطة الأنبار تمكنت مساء أمس الاول الاحد من اخلاء 635 مدنيا من مركز الرمادي ونقلهم الى مخيم الحبانية في مدينة الخالدية 23 كلم شرق الرمادي". وقال ان "تلك الاسر كان تنظيم داعش يحاصرها في مناطق السجارية والصوفية شرق الرمادي". واضاف ان "تلك الاسر وصلت الى القوات الأمنية على شكل وجبات ويحملون رايات بيضاء، وتم استقبالهم وتقديم الخدمات العلاجية والغذاء والماء لهم، وثم نقلهم الى المخيم". واكد العارضي القاء القبض على 12 من عناصر داعش. واضاف ان "قوة من جهاز مكافحة الارهاب وشرطة الانبار تمكنت من القاء القبض على 12 عنصرا من تنظيم داعش حاولوا الهروب من الرمادي والخروج مع الاسر التي لجأت الى القوات الأمنية". واوضح العارضي ان "عملية القاء القبض على عناصر داعش جاءت بعد اعتراف الاسر والمدنيين الذين وصلوا الى القوات الأمنية عنهم وجميعهم من أبناء الرمادي، وتم نقلهم الى مركز امني للتحقيق معهم". واكد قائد شرطة الأنبار اللواء هادي رزيج ان "قوة من شرطة الأنبار نقلت المتهمين الى مركز أمنى للتحقيق معهم والكشف عن جميع المتورطين من أبناء الرمادي والانبار مع تلك العصابات في عملية اسقاط المدن".
من جانب اخر صرح ضابط برتبة رائد في مكافحة المتفجرات التابعة لشرطة الأنبار ان "قوة من الجهد الهندسي تمكنت من تفكيك اكثر من 250 عبوة ناسفة مصنعة يدويا". كما تم تفكيك او تفجير عشرات اخرى من العبوات الناسفة في منطقة البوفراج شمال الرمادي، بحسب ما افاد عقيد في قيادة عمليات الانبار. وزرع ارهابيو التنظيم الاف القنابل والالغام على الطرقات في انحاء المدينة ما عرقل تقدم القوات العراقية. واستطاعت القوات العراقية بمساندة التحالف الدولي بقيادة واشنطن، استعادة السيطرة على معظم مناطق الرمادي كبرى مدن محافظة الانبار، في حين ما تزال مناطق اخرى تحت سيطرة الارهابيين في المحافظة الاكبر في العراق.
من جانب اخر، أعلن مصدر أمني عراقي بمحافظة صلاح الدين مقتل جندي وعنصر في الحشد الشعبي في حادثين منفصلين بتكريت شمال العاصمة بغداد. وقال المصدر إن الجندي قتل بانفجار عبوة ناسفة من مخلفات التنظيم الاارهابي بالقرب من جامعة تكريت . وأشار المصدر إلى مقتل عنصر من الحشد الشعبي باشتباك مع عناصر داعش على أطراف قرية السلام شمال غربي قاعدة سبايكر الجوية.
الى ذلك، عادت الحياة الى اروقة جامعة تكريت بعد اغلاق دام اكثر من 15 شهرا على خلفية سيطرة (داعش) على أجزاء واسعة من محافظة صلاح الدين منتصف عام 2014. وكانت جامعة تكريت قد أصبحت بعد 10 يونيو من عام 2014 مقراً
عسكرياً للقوات العراقية ودارت حوله وعلى أسواره عشرات المعارك التي حاول من خلالها التنظيم المتطرف السيطرة على مباني الجامعة لكنهم اخفقوا بفعل المقاومة الشديدة التي أبدتها القوات العراقية المتمركزة في الجامعة واستطاعت القوات العراقية قبل ثلاثة أشهر من اتمام تحرير اجزاء واسعة من المحافظة وخاصة مناطق تكريت وبيجي والدور والعلم وعودة اكثر من 90 بالمئة من الاهالي الى منازلهم لاستئناف حياتهم رغم الاضرار التي لحقت بمنازلهم ومتاجرهم والابنية الحكومية . وأعلن وزير الداخلية العراقي محمد سالم الغبان إن وزارة الداخلية اعادت افتتاح مركز الشرطة ومديرياتها لإعطاء الاطمئنان للأهالي من أن القوات
العراقية حاضرة لتوفير الامن والاستقرار. ورغم آثار القصف والاطلاقات النارية والحرائق والدمار الذي ما زال شاخصاً للعيان إلا أن السعادة تبدو واضحة على طلبة جامعة تكريت حيث عاد نحو 17 الف من طلبتها الى قاعات الدراسة بعد 15 شهرا من التهجير القسري الناتج عن سيطرة داعش على مدينة تكريت وأجزاء من محافظة صلاح الدين . وقال الدكتور وعد محمود رؤوف رئيس الجامعة لوكالة الأنباء الألمانية إن "الجميع عمل بصورة استثنائية من أجل أن تعود الجامعة وبقوة لممارسة دورها في التعليم وقيادة المجتمع وكانوا على قدر عال من
المسؤولية وتمكنا في مدة لا تزيد عن 60 يوماً من تحويل الجامعة من مكب للنفايات والانقاض إلى ما يشبه الحديقة وتمكنا من الوصول إلى نسبة تشغيل
متقدمة تتجاوز 80 بالمئة في كل مرافق الجامعة الخدمية والتدريسية والبحثية". وأضاف " نأمل أن تتمكن الجامعة من الحصول على التخصيصات التشغيلية
اللازمة المقررة بموجب موازنة عام 2016 من أجل استكمال كل المرافق الدراسية وخصوصاً المختبرات العلمية التي تفي الآن بالحد الأدنى من مستلزمات الدراسات الأولية لكنها عاجزة عن الايفاء بمستلزمات بحوث الدراسات العليا المتقدمة خصوصاً في مجالات الفيزياء والكيمياء والعلوم الهندسية". وذكر " تم رصد 4 مليارات دينار للجامعة خلال موازنة العام الجاري وهو مبلغ قليل لكنه جيد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها البلاد". وأوضح رئيس الجامعة أن "عدد الطلبة المنتظمين فعلاً بمقاعد الدراسة حوالي 17 ألف طالب وكذلك الأساتذة واشغال القاعات الدراسية والمختبرات والملاعب وكذلك الدراسات العليا التي عاد طلبتها لإجراء بحوثهم العلمية في الجامعة وهي نسبة ممتازة تزيد عن 80 بالمئة من الطاقة الاستيعابية للجامعة ". وقال رؤوف إن الجامعة حصلت على مساعدة من" برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتأهيل بعض الأقسام الداخلية و مرافق الجامعة لكنها ما تزال قاصرة عن استيعاب الاعداد الحقيقة للطلبة المحتاجين إلى إسكان في الجامعة والبالغ عددهم ثمانية الاف طالب وطالبة حيث لم تتمكن الجامعة حتى الان من استيعاب سوى 5 الاف طالب في الأقسام الداخلية للطلبة منهم الفي طالبة مع الاستمرار بعمليات التأهيل". وتتكون جامعة تكريت التي تأسست في حقبة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في عام 1987 من 22 كلية تضم مختلف الفروع الطبية والهندسية والعلمية والإنسانية فضلاً عن عدد من مراكز البحوث الملحقة بها ونقل اليها افضل الأساتذة والعلماء من كل الاطياف العراقية والذين مازالوا يمارسون عملهم فيها رغم التخندق الطائفي والعرقي في العراق. وكانت جامعة تكريت تضم قبل يونيو 2014 أكثر من 30 الف طالب في الدراسات الصباحية والمسائية منهم 60 بالمئة ليسوا من أبناء محافظة صلاح الدين ومنهم 25 بالمئة من جنوبي العراق و 15 بالمئة من الاكراد والتركمان لكن العدد انخفض هذا العام إلى 23 الف طالب في الدراسات الأولية و 1500 الف طالب في الدراسات العليا أي أن الجامعة فقدت 20 بالمئة من اعداد طلبتها بسبب الظروف التي مرت بها وعدم تمكن اعداد كبيرة من الطلبة من مغادرة المناطق التي مازال يسيطر عليها داعش في محافظات نينوى وكركوك والانبار وبعض مناطق صلاح الدين. فيما قال الدكتور ميثم علي العباد الأستاذ في كلية التربية لـ (د. ب. أ) إن "الجامعة خطت خطوات كبيرة من أجل إعادة تنظيمها وبنائها وفق الأسس العلمية الرصينة لكنها بحاجة إلى دعم كبير من أجل العودة إلى الحياة الطبيعية وانها بحاجة إلى شبكة جديدة للكهرباء وكذلك محطة توليد وأخرى للتحويل ودعم النشاطات الطلابية". وشهدت الجامعة حملات تطوع كبيرة من قبل الطلبة لإعادة اصلاح مرافق ابنية الجامعة وإعادة تأسيسات المياه والكهرباء وصباغة جدران الجامعة ومحو كل الكتابات التي تركتها القوات التي طردت عناصر داعش من تكريت مما وفر للجامعة مبالغ طائلة تصل إلى حوالي 500 مليون دينار عراقي. وقال هيثم خليل أحد طلبة قسم الاعلام بكلية الآداب في الجامعة :" أنا سعيد بالعودة إلى الجامعة وعلى استعداد للعمل بكل شيء لإعادتها إلى سابق عهدها بعد أن ذاق الطلبة مرارة التهجير والقاعات الدراسية الصغيرة التي تم استئجارها للدراسة في كركوك". وأضاف أن "جامعة تكريت من أفضل الجامعات العراقية لأنها تتميز بالرصانة العلمية وتوفر لطلبتها كل ما تستطيع من أجل إنجاح العملية التعليمية". ومن المنتظر أن يكون العام الدراسي المقبل أكثر تميزا في جامعة تكريت بعد اتمام اصلاح وإعادة تأهيل وتأثيث قاعات الدراسة والمختبرات العلمية والاقسام الداخلية لاستعادة مكانتها كواحدة من أفضل الجامعات العراقية.