الحالات التي تجيز للعامل ترك العمل قبل نهاية مدة العقد في قانون العمل
**
نعاود قراءتنا في قانون العمل العماني ونخصص هذه المقالة لبيان الحالات التي تجيز للعامل ترك العمل قبل نهاية مدة العقد، مع الاحتفاظ بكامل حقوقه... وقد نصت على هذه الحالات المادة (41) من القانون. وبتحليلنا لنص هذه المادة، يتبين أن القانون منح العامل حق فسخ عقد العمل وسواء أكان محدد المدة أو غير محدد المدة بإرادته المنفردة بعد إخطار صاحب العمل بذلك في خمس حالات فعند تحقق إحدى هذه الحالات لا يسأل العامل عن تركه العمل، مع حقه في الاحتفاظ بكامل حقوقه والمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر إن وجد. ويمكن إيجاز هذه الحالات على النحو التالي:
الحالة الأولى: إذا كان صاحب العمل أو من يمثله قد أدخل على العامل الغش وقت التعاقد فيما يتعلق بشروط العقد... والملاحظ أن المشرع توسع في هذا الشرط بحيث يجوز للعامل ترك العمل متى ما تحقق الغش في شروط العقد سواء أكان من صاحب العمل ذاته أو من يمثله أي من يقوم مقامه في إدارة مؤسسته... بحيث لو علم العامل بها لما ارتضى إبرام العقد كما في حالة إخفاء صاحب العمل الوضع السيء للمؤسسة أو إخفاء بيانات معينة تهم العامل...
الحالة الثانية: إذا لم يقم صاحب العمل تجاه العامل بالتزاماته الجوهرية... فللعامل ترك العمل إذا ثبت وقوع إخلال من قبل صاحب العمل بالالتزامات التي تقع على عاتقه وسواء أكانت بموجب العقد أو القانون منها على سبيل المثال إجبار العامل على أداء عمل غير العمل المحدد له في العقد إذا كان فيه مساس بأجره أو مركزه الأدبي أو أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله... باعتبار أنه من المستقر عليه قانونا وقضاء أنه لا يجوز تعديل العقد بالإرادة المنفردة لأحد أطرافه... وعليه إذا كان العمل محددا في العقد، فإن صاحب العمل لا يملك إجبار العامل على أداء عمل غيره إلا برضاه حتى وإن كان صاحب العمل له من السلطة لتنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل اللازمة لإعادة تنظيمها... وهذا ما أكدت عليه المحكمة العليا في أحد مبادئها بالقول "يجوز وفقا للمادة (31) من قانون العمل نقل العامل إلى عمل دائم يغاير العمل المتفق عليه بشرطين: الأول ألا يختلف العمل المسند للعامل عن عمله الأصلي اختلافا جوهريا ومن قبل هذا الاختلاف تكليف العمل بعمل يقل عن عمله الأصلي من الناحية الفنية أو الأدبية وقد جاء هذا الشرط بصريح نص المادة المذكورة... والثاني عدم المساس بحقوق العامل المالية..." مثال على ذلك كأن يكون عمل العامل المحدد في العقد هو "مدير عام الشركة"، ثم فوجئ بقيام الشركة بتعين آخر بدلا عنه. ووضعه هو في درجة استشاري للمدير العام وتجريده من كافة مهامه بدون مبرر رغم الجهود الكبيرة التي قام بها في تطوير أعمال الشركة... الحالة الثالثة: إذا ارتكب صاحب العمل أو من يمثله امرا مخلا بالآداب العامة نحو العامل أو أحد أفراد الأسرة... في هذه الحالة يجوز للعامل ترك العمل مع الاحتفاظ بكافة حقوقه وأيضا بالتعويض عما سبب له صاحب العمل من أضرار أدبية ومعنوية... ويستوي الأمر وسواء وقع هذا الفعل مباشرة على العامل أو أحد أفراد أسرته مع ملاحظة أنه يحق للعامل رفع دعوى جزائية ضد صاحب العمل إضافة إلى الدعوى المدنية (العمالية)... أما الحالة الرابعة: فهي تتحقق عندما يقع اعتداء على العامل من صاحب العمل أو من يمثله... حيث أجاز القانون للعامل ترك العمل بمجرد وقوع اعتداء عليه. ولم يشترط المشرع العماني أن يقع الاعتداء على العامل داخل العمل، وبالتالي يحق للعامل فسخ العقد حتى ولو وقع على العامل خارج مكان العمل وخارج أوقاته ويستوي أن يكون سبب الاعتداء له علاقة بالعمل الذي يؤديه العامل أم لا. كما يستوي أن يكون الاعتداء جسديا أو معنويا... لكن ما يجب ملاحظته أنه لابد أن يقع فعل الاعتداء على العامل نفسه أما إذا وقع على أحد أقاربه أو أسرته فعندها لا يحق للعامل ترك العمل. الحالة الخامسة والأخيرة: تتمثل في حالة ما إذا كان هناك خطر جسيم يهدد سلامة العامل أو صحته بشرط أن يكون صاحب العمل قد علم بوجود هذا الخطر ولم يقم بتنفيذ التدابير اللازمة والمقررة في مثل هذه المنشأة حماية للعاملين فيها... هذه قراءة سريعة في الأحوال التي منحها المشرع للعامل مكنته من تركه العمل قبل إنهاء مدة العقد... ولمزيد من الإيضاح يمكن للقارئ الرجوع إلى القانون واللوائح المنظمة في هذا الشأن.

د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المساعد ـ كلية الزهراء للبنات
محام ومستشار قانوني
عضو اتحاد المحامين العرب
كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين
التجارية والبحرية والاتفاقيات الدولية
[email protected]