[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
بدعوة وزيرة خارجية السويد مارجو ولستورم أمس الأول الثلاثاء لإجراء تحقيق بشأن قيام إسرائيل بعمليات قتل فلسطينيين خارج إطار القانون خلال أعمال المواجهات الأخيرة بين أبناء الشعب الفلسطيني وقوات الاحتلال الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تكون السويد قد ألقمت المجتمع الدولي المتشدق بحقوق الإنسان والإنسانية حجراً .
لقد جاءت الدعوة السويدية للتحقيق في وقت التزم فيه المجتمع الدولي مايشبه الصمت تجاه ما تنفذه إسرائيل من عمليات إعدام وقتل ضد الفلسطينيين في الشوارع والطرقات بدون محاكمة لكل من تشك في أنه يقوم بعمليات طعن (بالسكين) ضد مواطنيها من المستوطنين الإسرائيليين، فيما كان حري بإسرائيل تسمى دولة ديمقراطية أن تتبع الإجراءات القانونية تجاه من تتهمهم بالقتل، بدلا عن اقتناصهم بالأسلحة النارية وكأنهم أنعام صيد بري مباح صيده واقتناصه.
كما تزامنت الدعوة ايضا مع حالة اضطراب وتدهور تشهدها العلاقات الاسرائيلية السويدية منذ ان اعترفت السويد بالدولة الفلسطينية وذلك بعد فوز الحزب الذي تنتمي اليه وزيرة الخارجية السويدية مارجو ولستور وهو الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالانتخابات العامة في نهاية العام الماضي.
ورغم هذه الحداثة الزمنية في معايشة ومراقبة المعاناة الفلسطينية من على كرسي المسؤولية بعد وصول الاشتراكيين الديمقراطيين في السويد للحكم، تأتي الدعوة السويدية للتحقيق أكثر احراجاً للمنظمات الدولية والاقليمية كالأمم المتحدة وجامعة الدول العربية التي تعتبر القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين من ابرز اهتماماتها أو هكذا تدعي.
فقد دعت السويد الى التحقيق بكل جرأة ووضوح فيما توارت كل من الامم المتحدة والاتحاد الأوروبي من خلف الأبواب خجلا مكتفية بإبداء القلق والدعوة إلى ضبط النفس والى عدم تصعيد العنف، وذلك دون أي تحرك يؤكد على حقيقة قلق تلك المؤسسات الدولية أو جديتها في الدعوة لعدم التصعيد. فيما كان ينبغي على الامم المتحدة مثلا أن تخطو خطوات تؤكد على حرصها على حقن الدماء سواء كانت دماء الفلسطينيين او الاسرائيليين، بل يبدو انها آثرت وضع اليد في الماء البارد طالما ان اسرائيل هي الطرف الأقوى والقادر على حماية مواطنيه، وكان تلك المؤسسة الأممية ترغب في ان تقول للفلسطينيين (حريقة فيكم).
أما جامعة الدول العربية التي علق عليها العرب آمالهم وبينهم الفلسطينيون طوال العقود الماضية، فيبدو أن المداراة خلف الأبواب ليست مكانها، حيث تشجعت في الآونة الأخيرة فلبست ثوباً لم تتمكن من اسداله بشكل كامل على هيئتها، وذلك بتحركها الآخير المولود ميتاً بشأن المطالبة بحماية دولية للفلسطينيين، خصوصا وأنها أصبحت بمثابة هزبر الغابة الذي فقد هيبته حتى في محيطه الإقليمي.
اما المنظمات الحقوقية الدولية التي هي خارج نطاق تلك المؤسسات الدولية، فرغم أنها تشجعت باتهام اسرائيل باستخدام القوة المفرطة، الا ان مجرد الاتهام ليس كافيا طالما انها لم تواصل دورها في الضغط على اسرائيل وعلى المؤسسات الدولية حتى تتراجع اسرائيل عن ممارساتها غير القانونية في تقتيل الفلسطينيين الذين تشير التقارير إلى ان عددهم وصل منذ نهاية العام المنصرم حتى الآن الى اكثر من مائة واربعين شهيدا من بين المدنيين ماتوا برصاص الاحتلال الاسرائيلي فيما قتل من الاسرائيلين اربعة وعشرون شخصا.
عليه، وكيفما كانت مواقف المنظمات الدولية والاقليمية والحقوقية مما يجري من التنكيل بالفلسطينيين بدون محاكمة، فإن دعوة السويد للتحقيق في هذا الشأن تعتبر الأكثر شجاعة وإحراجا لهذه المؤسسات، فضلا عن انها كشفت الستار عن ضعف وتخاذل هذه المؤسسات وعجزها تجاه قضية انسانية وعدلية هامة كهذه القضية.