[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedaldaamy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أ.د. محمد الدعمي[/author]
” ..، تعتمد السيدة كلينتون شعرها الأصفر الطويل كي تزعم بأنها ستكون درعاً ونصيراً للمرأة الأميركية في سياق محاولتها كسب أصوات النسوة الحاسمة. بيد أن "دونالد ترامب" الجمهوري يأخذ على أسرة كلينتون أنها لم تكن بما يكفي من الأخلاقية بقدر تعلق الأمر باستغلال المرأة، مرتداً الى حكاية علاقة الرئيس السابق "بيل كلينتون" الجنسية بإحدى موظفاته،”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما فتئت منافسات إنتخابات الرئاسة الأميركية تنحو مناحي من نمط جديد، نمط لا صلة له بالآيديولوجيات ولا بالفلسفات أو السياسات، بقدر ما تقوى صلته بالفئات الإجتماعية الفاعلة والمهمشة. وعلى الرغم من أن ما يقترحه كل مرشح رئاسي (جمهوري أو ديمقراطي) إنما يتآصر على نحو مباشر أو غير مباشر، بالآيديولوجيات والسياسات العامة المعتمدة من كل حزب، فإن بعض المحكات تستحق الملاحظة نظراً لظرافة معطياتها.
واحد من هذه المحكات هو مسألة كبار السن واستحقاقهم للتقاعد وللعناية الطبية بعد الخروج من سوق العمل. يعتمد النظام الأميركي ما يسمى بـ"الأمن الإجتماعي" Social Security لتنظيم الموضوع أعلاه، أي أن المرء لا يحتاج لأن يعمل في دائرة فيدرالية، حكومية ليستحق حقوقاً تقاعدية من النوع أعلاه، كما يجري في بلداننا. ومرد ذلك هو أن النظام السياسي الرأسمالي غالباً ما يميل الى "تصغير" الحكومة ونتف ريشها أكثر ما يمكن، ليزيد الإعتماد على القطاع الخاص، أي الشركات والمؤسسات اللاحكومية.
لذا، فان الفكرة الأساسية هي أن كل من يعمل يستحق مميزات الأمن الإجتماعي، في الحكومة أو في سواها، حتى يتناهى سنه الى الستين "ربيعاً"، كما تقول مجلاتنا العربية، شريطة أن يكون المعني بالمستحقات التقاعدية والصحية المرافقة لها، قد دفع ما وجب عليه من ضرائب للحكومة المركزية ولحكومة الولاية التي يحيا بها طوال مدة عمله 40-50 سنة. هذا نظام عقلاني يصلح للدول التي لا تكون فيها الحكومة أكبر السفن. إلا أن الجمهوريين، الأكثر ميلاً، لدعم رأس المال، بدلاً عن الدولة (الحكومة)، غالباً ما يحاولون الضغط على نفقات الدولة في هذا المضمار عبر المطالبات بإطالة سني العمل للمتقاعد حتى يبلغ أكثر من ستين سنة، أو بالإقلال من دعمه نقدياً بعد إحالته على التقاعد، أملاً في أن يعود للعمل ويعود الى دفع الضرائب، ثانية! الضريبة في الولايات المتحدة الأميركية أكبر وأقوى الدكتاتوريات!
وتنطبق حال مشابهة مع مسألة المرأة التي تمتطيها الآن المرشحة الجمهورية السيدة هيلاري كلينتون (كإمرأة)، واعدة نصف جمهور الناخبين من الجنس الناعم بالمساواة مع الرجل، خاصة وأن المنظمات والناشطات النسويات لم يزلن يزعمن وجود بون كبير بين ما يحصل عليه الرجل وما تحصل عليه المرأة في مضامير العمل، ليس في أرقام الأجور والمكافآت فقط، بل كذلك بقدر تعلق الأمر بخصوصية المرأة العاملة أو "الأم المنفردة" (المطلقة أو المتوفي زوجها، مثلاً)، أو المرأة الحامل التي تكون بحاجة الى الراحة (وليس الكدح) قبل وبعد اشهر الولادة، ناهيك عن اشهر الرضاعة الطبيعية. لذا، تعتمد السيدة كلينتون شعرها الأصفر الطويل كي تزعم بأنها ستكون درعاً ونصيراً للمرأة الأميركية في سياق محاولتها كسب أصوات النسوة الحاسمة. بيد أن "دونالد ترامب" الجمهوري يأخذ على اسرة كلينتون أنها لم تكن بما يكفي من الأخلاقية بقدر تعلق الأمر باستغلال المرأة، مرتداً الى حكاية علاقة الرئيس السابق "بيل كلينتون" الجنسية باحدى موظفاته، الآنسة "مونيكا ليونسكي" دليلاً على إخفاق هذه الأسرة برمتها في التعامل المتوازن بالمرأة، دون إستغلالها مادياً أو إعتبارياً!
وهكذا تعكس "ملهاة" التنافس للمؤسسة الرئاسية بواشنطن صورة دقيقة المعالم عن هموم ومشاغل الجمهور الإنتخابي هناك، حيث تتجلى "الصدمة" عندما تقارن مع هموم ومشاغل ناخبينا في العالمين العربي والإسلامي، بل والعالم الثالث، كذلك.