[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
”.. قرار مجلس النواب بقطع البث المباشر عن الجلسات يعبر عن 3 مشاكل أساسية في البرلمان: الأولى أنه لا يتمتع بالإدراك والوعي السياسي الذي يجعله يحترم الرأي العام والناخبين الذين اختاروا نوابه؛ لأن مبدأ الشفافية يلزم النائب البرلماني بضرورة الحرص على حق المواطن الذي انتخبه في تقييم أدائه البرلماني تحت القبة.”

أثار مجلس النواب المصري صخبا واسعا منذ اليوم الأول لانعقاده الأحد الماضي، وهي الجلسة الإجرائية للمجلس والتي استغرقت ما يقرب من 18 ساعة تخللتها استراحات قصيرة للأعضاء، حيث تم في هذه الجلسة انتخاب رئيس للمجلس هو الدكتور علي عبدالعال، وهو أستاذ قانون، وانتخاب وكيلين للمجلس، والتي تم استكمالها في اليوم التالي، حيث شهدت هذه الجلسة صخبا شديدا ومشادات بين الأعضاء بسبب رفض المستشار مرتضى منصور تأدية القسم المتفق عليه لعدم اقتناعه بثورة الـ25 من يناير، حيث أصر على القول «أحترم مواد الدستور»، بينما من المفروض أن يقول في القسم «أحترم الدستور» معلقا بأن يحترم مواد الدستور فقط، وليست ديباجة الدستور التي تشير إلى ثورة الـ25 من يناير، ما أثار حفيظة الأعضاء المؤيدين لهذه الثورة، واضطر منصور في النهاية لتأدية القسم المتعارف عليه، وفي اليوم التالي فوجئ الجميع بقرار مجلس النواب وقف بث جلسات المجلس على الهواء.

ولقد اختلف القانونيون والإعلاميون حول قرار مجلس النواب بوقف البث المباشر لجلسات المجلس، ففيما أكد البعض أن القرار دستوري ولا يوجد به مخالفة قانونية، اعتبر آخرون أن وقف البث لا يجوز تنفيذه إلا لاعتبارات أمن قومي ولا يخلو من عوار دستوري، حيث إن الأصل في جلسات البرلمان هي العلانية، ولكنها علانية نسبية، حيث قد يرى المجلس ضرورة عدم إذاعة الجلسة. أما البعض الآخر فيرى أن قرار المجلس بوقف البث هو قرار دستوري، حيث ينطبق عليه نفس ما ينطبق في علانية المحاكمات.. في نفس الوقت هناك من يقول إن قرار وقف البث هو قرار سياسي خاطئ، حيث إنه بدلا من ترشيد سلوك النواب قرر المجلس عدم إذاعة الجلسات، وبالتالي هم بذلك يوصلون رسالة للشعب بأن سلوك النواب داخل المجلس غير قويم، والأصل أن جميع البرلمانات في العالم تمثل الإرادة الشعبية وتختص بعملية التشريع والرقابة، وبالتالي جلسات مجلس النواب لا بد أن تكون علانية ويشاهدها جميع فئات الشعب المصري.. ولا يجوز وقف البث المباشر للجلسات إلا لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
والواقع أن قرار مجلس النواب بقطع البث المباشر عن الجلسات يعبر عن 3 مشاكل أساسية في البرلمان: الأولى أنه لا يتمتع بالإدراك والوعي السياسي الذي يجعله يحترم الرأي العام والناخبين الذين اختاروا نوابه؛ لأن مبدأ الشفافية يلزم النائب البرلماني بضرورة الحرص على حق المواطن الذي انتخبه في تقييم أدائه البرلماني تحت القبة.
كما أن هذا القرار يعكس عدم ثقة في النفس؛ لأن نواب البرلمان يشعرون في داخل أنفسهم أنهم غير قادرين على تجسيد أداء برلماني مرئي ومتميز، ويريدون فرض السرية حتى لا يظهروا أمام الشعب.
والمشكلة الثالثة هي أنه على ما يبدو أن هناك أزمة في طريقة إدارة الجلسات، وأن المستشار علي عبدالعال رئيس المجلس سوف يتعرض لمواقف صعبة كثيرة تهز صورته وصورة البرلمان أمام المواطنين.
عموما هذا القرار يعبر عن أزمة حقيقية في البرلمان؛ لأنه بذلك يثبت للجميع أنهم أضعف من اللحظة الراهنة في مصر والتي تحتاج برلمانا قويا لا يخشى البث المباشر ولا يهتز من الانتقادات أو السخرية.
وقد استقبل عالم التواصل الاجتماعي نبأ وقف بث جلسات مجلس النواب بثورة ضاحكة، ساخرين من قرار وقف البث، ومطالبين بعودة إذاعة الجلسات على الهواء مرة أخرى فقط من أجل الضحك. ودشن رواد مواقع التواصل الاجتماعي «هاشتاج» بعنوان «ذيعوا جلسات مجلس النواب» والذي انتشر بين رواد فيس بوك وتويتر في دقائق معدودة ليحمل بين طياته مطالبهم بالتراجع في قرار وقف البث. وتميزت أغلب التغريدات والتدوينات بالسخرية وإرفاق النكات ضمن كلماتهم؛ إذ أكدوا جميعا على أن الجلسة الأولى من البرلمان كانت مصدرا للسعادة بالنسبة إليهم لا سيما مع ظهور العديد من المواقف من النواب كانت بمثابة منبع لصانعي المواد الساخرة ووحي لهم.
وظهرت السخرية جلية في كلمات رواد الموقعين والتي جاء منها على سبيل المثال «انشرو الهاشتاج ياخوانا .. ليه يقفلو باب السعادة ف وشنا»، «بتنكدوا علينا ليه»، ماهو احنا كمان مصريين ولازم ننبسط اشمعنى انتوا»، «معا لعودة الفرحة والبهجة مرة أخرى»، «جلساتنا مينفعش تكشف على رجالة احنا جلساتنا اشرف من الشرف»، «مش كفايه لغيتوا باسم يوسف هو كل ما نلاقي متنفس نضحك فيه تقفلوه ما هو حرام كده ارحمونا متقتلوش فرحتنا بمجلسنا»، «مصر بتفرح بالضحك على جلسات البرلمان تقوموا موقفين البث!» و»والله ما كنت بضحك وبدأت اضحك على ايد النواب». المشكلة الأكبر التي تواجه مجلس النواب المصري هي ضرورة البت في القوانين التي صدرت خلال فترة حكم الرئيس المؤقت عدلي منصور والرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي وعددها يزيد عن 400 قانون خلال مدة 15 يوما فقط، وفقا لما جاء في للدستور.