مع إدراجه بالخطة الخمسية كأحد القطاعات الواعدة
إعداد ـ هيثم العايدي:
يعكس حرص الخطة الخمسية التاسعة على وضع قطاع النقل والخدمات اللوجستية ضمن القطاعات الواعدة التي تساهم في عملية التنويع الاقتصادي استشراف السلطنة لمستقبل التجارة العالمية والعمل على مواكبة التطورات الاقتصادية خاصة في ظل ما تشهده سوق الطاقة والتي بدأ اتخاذ سلعتها الرئيسية المتمثلة في النفط كمصدر أساسي للدخل يشكل خطورة على وضع الاقتصاد لما تشهده أسعار هذه السلعة من تذبذبات تختلط فيها قوانين العرض والطلب مع المتغيرات السياسية.
فالقطاع اللوجستي والذي يعتمد على إدارة تدفق البضائع والطاقة من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك ويعد حجر الزاوية في التجارة العالمية يعد ثروة حقيقية بالسلطنة والبديل الرئيسي المستدام للنمو الاقتصادي لما تتمتع به السلطنة من مقومات مثالية بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط الشرق بالغرب ويمثل طريقا للمراكز الاقتصادية الواعدة في منطقة آسيا والمحيط الهادي كما أنه بوابة رئيسية لدول مجلس التعاون الخليجي ذات الثقل والنفوذ الاقتصادي العالمي.
فالسلطنة قريبة من أسواق عالمية كبيرة مثل الهند والصين بالشرق الآسيوي وكذلك الاقتصادات الواعدة في القارة الإفريقية، حيث يمكن الوصول بالسفينة إلى شرق آسيا في أقل من أسبوعين وإلى افريقيا في خلال اسبوع وأوروبا في غضون أسبوعين.
كما أن اكتمال البنية الأساسية من طرق وموانئ ومطارات واتصالات يعزز من لعب السلطنة هذا الدور حيث تأتي البضائع عن طريق موانئ السلطنة من الدول العربية ومن دول العالم الأخرى ومن ثم يتم توزيعها إلى دول مجلس التعاون كما أن مشروع القطار سيعزز من جعل السلطنة البوابة اللوجستية لدول المجلس خصوصا أن القطار سيصل إلى موانئ السلطنة ما يمكن السفن العملاقة من تفريغ بضائعها في موانئ السلطنة تمهيدا إلى نقلها إلى دول الجوار.
وإضافة إلى ذلك فان وجود المطارات المهيأة على مقربة من الموانئ يعد ميزة نسبية للسلطنة يضاف إليها وجود المناطق الحرة قرب الموانئ وأيضا وجود شبكة طرق على مواصفات عالية تربط الموانئ والمناطق اللوجستية،
كذلك فان العلاقات الدبلوماسية المتميرة للسلطنة الاقتصادية مع دول العالم بشكل عام والجوار بشكل خاص تتيح لها فرصا للنهوض بقطاع اللوجستيات، حيث تحظى السلطنة بعلاقات اقتصادية متميزة واتفاقيات تجارية مع العديد من الدول يمكن ان تستثمر بصورة أكبر خلال المرحلة القادمة والاستفادة من خبرات وتجارب هذه الدول التي تمتلك العديد من المناطق اللوجستية.
كذلك تشير التقارير إلى تصاعد الطلب على الخدمات اللوجستية لدى دول المنطقة كافة من دون استثناء كما يبشر الاستثمار في هذا القطاع بالمزيد من النجاح للشركات العاملة مع ترجيحات بنمو خدمات القطاع واتساعها.
وتتجلى أهمية القطاع اللوجستي مع ما يشهده سوق النفط، حيث تشير الاحصاءات المتعلقة بالتجارة الخارجية للسلطنة حتى نهاية يوليو الماضي إلى أن قيمة الصادرات السلعية للسلطنة انخفضت بنسبة نسبته 7ر31 بالمائة لتبلغ 8 مليارات و66 مليونا و500 ألف ريال عماني مقارنة مع نفس الفترة من عام 2014م حيث بلغ إجمالي الصادرات السلعية للسلطنة وقتها 11 مليارا و805 ملايين و400 ألف ريال عماني، حيث يعزى هذا الانخفاض الى تراجع في قيمة صادرات السلطنة من النفط والغاز بنسبة 40% مسجلة 4 مليارات و777 مليونا و100 ألف ريال عماني مقارنة بنفس الفترة من 2014 والتي سجلت 7 مليارات و962 مليونا و900 ألف ريال عماني.
ومن هذا المنطلق أوضح البيان الصادر عن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط مطلع العام الجاري والذي استعرض أهم مرتكزات وأهداف خطة التنمية الخمسية التاسعة أن القطاعات الاقتصادية الواعدة التي سيتم التركيز عليها خلال الخطة الخمسية التاسعة هي الصناعة التحويلية والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين لتشكل هذه القطاعات أهم المحاور التي ستركز عليها الخطة الخمسية التاسعة لدعم عملية النمو الاقتصادي في السلطنة، بجانب القطاعات الأخرى الداعمة لهذه القطاعات الخمس كالتعليم والصحة ، وبيئة الأعمال، والشباب، والبيئة ، ورفع أداء الجهاز الحكومي، والاتصالات، وتقنية المعلومات.
كما أوضح البيان انه تم تطوير أكثر من 500 برنامج وسياسة يتم تنفيذها خلال فترة الخطة المتعلقة بهذه القطاعات.
وتطمح الخطة الخمسية التاسعة من خلال التركيز على قطاع النقل والخدمات اللوجستية إلى استعادة السلطنة مكانتها التاريخية كمحور هام للملاحة وكبوابة شرقية للاقتصادات الآسيوية الصاعدة وهو ما يتطلب جعل السلطنة محورا لوجيستيا هاما ومحوريا بالمنطقة الأمر الذي يعزز من منظومة التجارة الخارجية للسلطنة وبالأخص أنشطة إعادة التصدير وتجميع الصناعات والمنتجات محلياً.
ووفقا لبيان اعلان الخطة الخمسية فانه سيتم خلال سنوات الخطة التركيز على خدمات النقل الجوي وتطوير البنية الأساسية لقطاع الطيران بما يخدم قطاع السياحة. وفي ضوء تلك الاجراءات والسياسات الطموحة فمن المتوقع أن يحقق قطاع النقل والتخزين والاتصالات بالأسعار الثابتة نموا سنويا مرتفعا يقدر بـ 5 بالمائة في المتوسط خلال سنوات الخطة كما من المتوقع أن تنخفض مساهمة النفط في جملة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من 44 بالمائة خلال سنوات الخطة الثامنة ( 2011- 2015م) لتصل إلى 26 بالمائة خلال سنوات خطة التنمية التاسعة، كذلك من المتوقع أن ينخفض متوسـط نسبة مساهمة انشطة الغاز الطبيعي لتصل إلى (4ر2) بالمائة خــلال سنوات خطـــة التنمية التاسعـة مقـابل
( 6ر3) بالمائة كمتوسط نسبة مساهمته خلال الخطة الخمسية الثامنة.
وأوضح البيان أن تلك التقديرات تتسق مع الهدف الاقتصادي الرئيسي للسلطنة والرامي إلى تنويع الأنشطة الاقتصادية بعيداً عن قطاع النفط. وتعكس تلك الافتراضات تطبيق السياسات القطاعية المستهدفة.
وفي هذا الصدد تؤكد الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2016 على حفز النمو الاقتصادي من خلال استمرار الإنفاق الإنمائي على المشروعات ذات الأولوية الاقتصادية والاجتماعية والتي بالتأكيد منها تلك المتعلقة بتطوير البنية الأساسية اللازمة للقطاع اللوجستي مع توسيع مشاركة القطاع الخاص في امتلاك وتمويل وإدارة المشروعات، وتوسيع قاعدة الملكية وتعميق دور سوق الأوراق المالية.
ولا شك أن التركيز على القطاع اللوجستي يعد المحفز الرئيس لفرص الأعمال والنمو الاقتصادي وايجاد فرص عمل نظرا لأن المشاريع المتعلقة بالقطاع اللوجستي كالموانئ والمطارات والطرق وسكك الحديد من المشاريع التي تحتاج إلى أيد عاملة كثيفة، وفيما تطمح السلطنة إلى مساهمة القطاع في إجمالي الناتج المحلي بالأرقام الحقيقية بحلول 2020 بحوالي 3 مليارات ريال عماني مع توفيره خلال السنوات الخمس القادمة 50 ألف فرصة عمل، وأن ينتقل مركز السلطنة في الخدمات اللوجستية عالميا من المرتبة 59 إلى المرتبة 30 بحلول 2020 فإن الأمر يستدعي تسريع العمل في استكمال مشاريع البنية الأساسية جنبا على جنب مع تأهيل الكوادر العمانية من خلال تعديل برامج المؤسسات التعليمية المختلفة بما يتوافق مع متطلبات الاستراتيجية.
كما ينبغي تطوير الأنظمة والقوانين والإجراءات مع اعتماد تسهيلات محفزة للمستثمرين واتباع سياسة تسويقية هادفة.