[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. في مصر أيضا التي تشهد تحسنا ملموسا مع القضاء على بعض الأزمات التي كانت مستفحلة كنقص الكهرباء ومشكلة الخبز كما تشهد أيضا عددا من المشاريع على مستوى تحسين البنية التحتية وخاصة بمجال الطرق فإن العامل الاقتصادي وعدم وجود فرص عمل يبقى هو التهديد الأول وربما الوحيد للاستقرار.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حينما استفاقت شعوب عربية قبل 5 أعوام على زوال أنظمة حكمتها لأعوام طويلة بعد احتجاجات كان الاقتصاد هو أساس انطلاقها وجدت هذه الشعوب نفسها أمام صعوبات اقتصادية هي أبعد ما تكون عن خيال من خرجوا في الشوارع طلبا لزوال هذه الأنظمة .. صعوبات ما زالت دول ما عرف وقتها بـ (الربيع العربي) الذي نعيش ذكرى انفجاره الآن تعاني منها مثل تراجع النمو الاقتصادي والبطالة وهروب الاستثمارات ناهيك عن التزايد الملحوظ في مستوى الفقر وانخفاض مستوى الخدمات العامة وليبقى الاقتصاد أيضا هو أساس الصلاح والاستقرار.
ولعل أسوأ نماذج التغيير كانت في ليبيا التي كان التغيير فيها عبر تدخل عسكري خارجي صريح أو اليمن عبر تسويات ومواءمات .. حيث تعاني هاتان الدولتان من أوضاع اقتصادية مزرية تزداد سوءًا، مع تلاشي أحلام التنمية في المستقبل القريب بسبب تفجر الصراع المسلح.
فليبيا الدولة النفطية صاحبة أحد أكبر الاحتياطات النقدية تتنازعها الميليشيات وباتت مرتعا للجماعات المسلحة وهي المرشح الأول لأن تكون قاعدة الإرهاب بالمنطقة نظرا للضغط الذي تشهده الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق.
وليس الأمر في اليمن ببعيد وسط نزاع على السلطة بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة وقوات من الجيش تدعم الرئيس عبدربه منصور هادي من جهة أخرى ما عطل جميع أنشطة تصدير النفط والغاز فضلا عن معظم النشاطات الاقتصادية الأخرى.
حتى في تونس التي رأى البعض أنها سلكت طريق الديمقراطية لآخره نظرا لانها أزاحت حركة النهضة عن السلطة بشكل جزئي عبر الانتخابات البرلمانية إلا أن التردي الاقتصادي أدى إلى اندلاع احتجاجات شبيهة بتلك التي شهدتها في مطلع 2011.
فبنفس سيناريو 2011 وبعد خمس سنوات من انتحار محمد البوعزيزي بنار أضرمها في نفسه لقي الشاب التونسي رضا اليحياوي مصرعه عندما تسلق عمودا كهربائيا للتعبير عن غضبه من عدم حصوله على وظيفة لتصعقه الكهرباء وتنطلق المظاهرات والاحتجاجات في بلدة "القصرين" وتمتد لمختلف أرجاء البلاد تصاحبها بالطبع أعمال عنف ونهب، مما حدا بالسلطات لفرض حظر التجوال.
وان كان البوعزيزي البائع المتجول كما يقال احرق نفسه بعد ان صفعته شرطية فان اليحياوي يشترك معه في أن كليهما يحملان هما اقتصاديا واحدا يتمثل في البحث عن لقمة العيش.
وفي مصر أيضا التي تشهد تحسنا ملموسا مع القضاء على بعض الأزمات التي كانت مستفحلة كنقص الكهرباء ومشكلة الخبز كما تشهد أيضا عددا من المشاريع على مستوى تحسين البنية التحتية وخاصة بمجال الطرق فان العامل الاقتصادي وعدم وجود فرص عمل يبقى هو التهديد الأول وربما الوحيد للاستقرار.
بدون فرص عمل ملائمة تأتي عبر مشاريع وطنية وحوافز استثمارية يبقى الشباب ورقة في يد كل محرض أو ساع للفوضى.
فمثلما لا يأتي الاقتصاد الا بالأمن لا يتحقق الأمن الا بالاقتصاد وكلاهما من أساسيات الاستقرار.