قضية ورأي

توصل مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية الصين الشعبية إلى اتفاق من حيث المبدأ بشأن مجمل المفاوضات حول التجارة في السلع وقرر الجانبان تسريع وتيرة المفاوضات ومراجعة التقدم المحرز وعقد الجولة القادمة من المفاوضات في النصف الثاني من شهر فبراير القادم، وهي خطوة تعتبر دون شك هامة ورئيسية في سبيل تعزيز علاقات الشراكة بين الجانبين.
وترتبط الصين بعلاقات تاريخية وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث نمت العلاقات التجارية بين الجانبين منذ عام 1980. كما أن حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج العربية ظل يرتفع بنسبة 35% كل سنة في الفترة من عام 1999م حتى عام 2012، إلى جانب أن الصين صدرت خلال عام 2004م ما قيمته 10.44 مليارات دولار إلى الدول الخليجية واستوردت ما قيمته 14.30 مليار دولار. وفي عام 2006، استوردت دول المجلس ما قيمته 16 مليار دولار من الصين وصدرت ما قيمته 19 مليار دولار لها. أما في عام 2014، فقد بلغ حجم المبادلات التجارية نحو 95 مليار دولار منها 55 مليار دولار للصادرات الخليجية و40 مليار دولار للواردات الصينية.
ويقدر حجم الاستثمارات الصينية الخليجية بما يقارب 60 مليار دولار عام 2013 إلا أنه لا توجد أرقام دقيقة حول هذا الموضوع. ومنذ مطلع التسعينيات، وقعت الصين المئات من اتفاقيات الاستثمار مع الدول الخليجية، مما يعكس اهتمام الصين لكي تصبح شريك تجاري رئيسي معها.
ولا شك أن العلاقات الصينية الخليجية تحكمها محددات عدة منها يأتي في مقدمتها فكرة الاحتياج الاستراتيجي المتبادل بمعنى إدراك كل طرف احتياجه للطرف الآخر، فعلى الجانب الصيني تبرز أهمية نفط الخليج، حيث تعتمد الصين بشكل كبير على نفط المنطقة، فالاحتياج النفطي الصيني يبلغ 1.8% من الاحتياطي العالمي في حين أن عدد سكان الصين يبلغ 22% من إجمالي سكان العالم فالصين هي ثاني أكبر دولة في العالم من حيث استهلاك النفط بعد الولايات المتحدة الأميركية، ففي عام 2014 استوردت الصين 55% من احتياجاتها النفطية من دول مجلس التعاون الخليجي، ويتوقع أن تصل إلى 65% مع حلول العام 2015. وعلى الجانب الخليجي تحتل الصين مكانة متميزة لدى الاهتمامات الاستثمارية لدول الخليج، حيث يتمتع السوق الصيني بجاذبية كبيرة يرجع ذلك إلى الاستقرار السياسي الذي تتمتع به الصين إلى جانب أنها أكبر سوق استهلاكي في العالم وما يوفره ذلك من فرص ضخمة أمام الصادرات الخليجية من النفط والبتروكيماويات والأسمدة والألومنيوم.
لذلك، يمكن القول إن العلاقات الاقتصادية الصينية - الخليجية علاقات تبادلية وثيقة فمنطقة الخليج العربي إحدى أهم البقاع الرئيسة في العالم لتصدير الطاقة (النفط - الغاز) والصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية لذلك فمن المنطقي دعم آفاق التعاون بين الجانبين من خلال زيادة الاستثمار انطلاقا من أن كل طرف في احتياج للطرف الآخر وخصوصا خلال السنوات القادمة، ولعل ما سوف يتوج هذه العلاقات الاقتصادية هو نجاح المفاوضات الصينية - الخليجية بشأن توقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين الجانبين.

حسن العالي