[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. الدخول الفرنسي في هذا الملف ليس بجديد بل كانت أبرز التجارب السابقة في العام 2000 عندما استضافت باريس اجتماعات بين الزعيم الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك ووزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت وقتها حيث جرت الاجتماعات في منزل السفير الأميركي ثم انتقلت إلى قصر الأليزيه بعد الواقعة الشهيرة التي انفعل فيها عرفات خلال المفاوضات وأراد مغادرة المكان الا أن أولبرايت طلبت من الحراس إغلاق الأبواب وأعادت عرفات إلى المفاوضات.”
ــــــــــــــــــــــــ
أثار الإعلان الفرنسي بالعزم على تحريك الملف الفلسطيني حفيظة الجانب الإسرائيلي الذي اعتاد واستراح للاحتكار الأميركي لهذا الملف حيث لم يسفر هذا الاحتكار إلا عن تحول المفاوضات من وسيلة إلى غاية لدى الطرف الأميركي والإسرائيلي واستهلاك وقت لدى الطرف الفلسطيني.
فقد كشف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن بلاده ستشارك في الأسابيع القادمة في الاستعداد لمؤتمر دولي يضم الطرفين وشركاءهم الأميركيين والأوروبيين والعرب للسعي إلى تحقيق حل الدولتين مبينا أن باريس ستعترف بدولة فلسطين إذا فشلت جهودها لحل الجمود بين إسرائيل والفلسطينيين.
وفي مقابل الامتعاض الذي لاقته هذه الخطوة من الجانب الاسرائيلي جاء الترحيب من جانب الفلسطينيين الذين حددوا بوصلتهم خلال المرحلة القادمة بما أعلنوه قبل أسابيع وعاد الرئيس محمود عباس وأكد عليه أمام قمة الاتحاد الأفريقي والمتمثل في انعقاد مؤتمر دولي للسلام يناقش تطبيق مبادرة السلام العربية، وحل الدولتين، وإنشاء آلية جديدة ومجموعة عمل دولية على غرار مجموعة (5+1) التي أنجزت الاتفاق بين القوى الغربية وإيران فيما يخص الملف النووي للأخيرة.
لكن الرغبة الفرنسية في القيام بدور فاعل في هذا الملف لا تستدعي توافر حسن النوايا والإرادة فقط بل لا بد من تحلي باريس بالنفس الطويل اذا أرادت إنجاح تحركاتها .. فالدخول الفرنسي في هذا الملف ليس بجديد بل كانت أبرز التجارب السابقة في العام 2000 عندما استضافت باريس اجتماعات بين الزعيم الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك ووزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت وقتها حيث جرت الاجتماعات في منزل السفير الأميركي ثم انتقلت إلى قصر الأليزيه بعد الواقعة الشهيرة التي انفعل فيها عرفات خلال المفاوضات وأراد مغادرة المكان الا أن أولبرايت طلبت من الحراس إغلاق الأبواب وأعادت عرفات إلى المفاوضات.
كما يتوازى الاعلان الفرنسي مع بوادر تحرك الصين كإحدى القوى المهتمة بالقيام بدور فاعل في القضايا العالمية ومنها قضايا المنطقة حيث قال الرئيس الصيني شين جي بينغ في خطاب بجامعة الدول العربية قبل أيام إن بلاده حريصة على لعب دور ايجابي وبناء لإيجاد حلول للقضايا الساخنة في الشرق الأوسط كما عاد المبعوث الصيني لعملية السلام في الشرق الأوسط كونغ شياو شينغ وأكد في زيارته لفلسطين أن بلاده تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
ويتجلى الاهتمام الأميركي بالتحركات الصينية القادمة في ملف القضية الفلسطينية بتقرير أعده المدير الإداري لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مايكل سينج رصد فيه الجولة الأخيرة للرئيس الصيني إلى المنطقة والتي زار خلالها المملكة العربية السعودية ومصر وإيران. وان كان صلب الموضوع يتمحور حول الملف الإيراني إلا أن الباحث الأميركي لم يغفل في تقريره الإشارة إلى الدور الصيني في القضية الفلسطينية حيث يقول في هذا الصدد.
"حتى إنها (الصين) في عام 2013 حاولت اقتراح خطة سلام إسرائيلي فلسطيني خلال زيارات منفصلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
ومع ذلك، ففي جميع الحالات لم تبتعد الصين عن منهجيات السياسة التقليدية بل استخدمت بدلاً من ذلك الفرص لعرض نفوذها الإقليمي والعالمي المتنامي."
إن دخول أطراف أخرى في مساعي حل القضية الفلسطينية يشير إلى أن الآوان قد حان لكسر الاحتكار الأميركي لهذا الملف وهو ما ينبغي أن يبادر إليه الفلسطينيون بإشراك أكبر قدر ممكن من القوى الفاعلة في مساعيهم نحو حقوقهم المشروعة.