[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]

بهدوء أعصاب تشبه العادة الدائمة عند الروسي القيادي، يخطط الرئيس بوتين لأوكرانيا عبر تقسيط مريح .. كلمة "نعم" على الاستفتاء من قبل أهالي القرم لا تزيد من حجم روسيا في مساحتها العملاقة، بل تغير معالم، ولسوف تكون نقطة البداية في مرحلة مفهومة لروسيا، ربما لن تكون كذلك بالنسبة للغرب وللأميركيين، لكن توقعاتهم ان القيصر "الشيوعي" ماض في خططه وفي تصوراته، ويمكن له ان يفاجئهم، وان يجعل من خططهم هباء.
روسيا الآن تستعد لعودة القرم التي كان خروتشوف كريما فأعاده لاوكرانيا عام 1954 .. بقعة هي دائما على حدود اللحظة التي يسيطر فيها واحد على الآخر، فتكون لمنطق القوة مرة منحة، ومرة عبر اصوات اهلها، لكنها المكان الذي يظل مأسورا لمجد اعلامي.
قولة نعم المكثفة من اهالي القرم، لن تشرح صدر بوتين بل سيكتب على اللوحة الخاصة في قصره المحكم ان الخطوة رقم واحد قد أنجزت وهي مدخل للخطوات اللاحقة التي سيحكم مسيرة مضافة إلى انجازاته، وخصوصا الشرق أوسطية، التي صارت من علاماته ومن قيمه السياسية.
مدهش بوتين، لا هو غزا اوكرانيا، ولا هو ضمها إليه ولا هو ادخل جيوشا لاحكامها عليها، كل ما فعله ان رمى نظره عليها فمالت نحوه وتقدمت إلى حيث يريد.
هو رجل اللعب البارد في مسألة ساخنة، وهو الضامن لنجاحه لأنه لا يحاول ولا يجرب بل ينفذ على الفور. وحينما يكون المرء منفذا دائما، تكون ملكاته واضحة وما بين يديه واضح، وخططه قائمة منذ زمن، واستعداداته ثابتة.
غدا ايضا، وهو تعبير رمزي عن زمن قادم، سيكون على الجزء الشرقي والجنوبي من اوكرانيا ان يقول ما قاله القرم يوم الـ 16 من مارس .. وسيقال بان الاميركي والغربي مزقوا يوغوسلافيا امام صمت الروس، لكن اوكرانيا تتقدم إلى دورة حياتها الجديدة بملء ارادتها، لا أحد يضغط عليها ولا هي مستعدة لقبول الضغوط .. الجزء يحن إلى الكل، وحسبما هي نظرية مدرسة (الغاشتلت) فإما ان تعيد الجزء إلى خلاياه ليظهر معك الخلية الاولى، واما ان تركب الخلايا لتجد الشكل النهائي على هيئة الخلية الاولى، والتي لن تكون سوى روسية، طالما ان هذا الجزء من اوكرانيا روسي الهوى والفؤاد والمنى وحتى النخاع ولا يريد سوى روسيته ان تنصر حقوقه الطبيعية في بلاده.
اقدامه الثابتة في اوكرانيا جعلت من خصومه الغربيين يسألون عن اسراره الدفينة .. هو بدا كذلك في اوليات الأزمة السورية لكنه صار واضحا فيما بعد، بل صار دمشقيا ايضا .. الآن يلعب بكومة من اسرار يفتح بها الباب إلى اعمق مكونات افكاره ليرميها على الطاولة دفعة واحدة في لحظة نضوج احلامه وتحققها.
ما قاله القرم هو روحه وهواه روسي، استفتاء يشبع رغبة الروس لكنه لا يكفي، ليس طمعا، بل خوف على روسيا. فأوكرانيا كتلة نار ملتهبة تحتاج الى تبريد من لاعب البرودة بوتين الذي ما زالت مهارته تلك مقيدة له في سوريا، وقد نجح فيها إلى ابعد الحدود .. وها هي سوريا تتسلق كل الطرق التي تؤدي بها الى الطريق النهائي، النصر.