في الوقت الذي تسابق فيه الزمن القوى المكوِّنة لمعسكر التآمر على سوريا والداعمة للإرهاب ضد الشعب السوري لإشعال الحرائق في مختلف بقاع العالم، وإسناد أدوات إرهابها في سوريا، متوهمةً أن ذلك يمكن أن يعطيها أوراق قوة يمكن أن تصرفها في السياسة لتعويض فشلها ميدانيًّا، نجد على الضفة السورية سباقًا مع الزمن لإخماد حرائق المؤامرات وفرملة جبروت القوة المنفلت من عقاله، وكبح جماح منطق القوة والنزوع نحو الإرهاب الفارغ من أي عقل وحكمة.
والواضح أن معسكر التآمر على سوريا يعيش هذه الأيام ارتباكًا بيِّنًا وقلقًا متزايدًا جراء حالة الفشل المتوالي وارتداد ذلك بنتائج سلبية في صورة فضائح بسبب رهانه على أحصنة معطوبة وخاسرة، وجراء ارتهانه لسياسة واحدة وهي الإرهاب والمراهنة على أدواته، وما حديث المتآمرين عن الحلول السياسية إلا مجرد أقنعة ومخارج يقتضيها الواقع السائر لغير صالحهم لستر فضائحهم والتخلص من الإحراج.
وبينما يغرق المتآمرون في وحل مؤامراتهم ومستنقعاتها، تتقدم سوريا على الصعيدين السياسي والميداني، حيث أحرز الوفد السوري الرسمي في الجولة الثانية لمؤتمر جنيف الثاني نقاطًا جديدة بعد أن انكشفت تلك الأحصنة المعطوبة والعرجاء المصطلح عليها "معارضة" في أنها لا تملك قرار نفسها، ولا تعلم تفصيلًا ولو بسيطًا عن حقيقة الداخل السوري ومجرياته، ما سهلت على المفاوض السوري الرسمي كشف الفخاخ والخدع المنصوبة وإعادة نصبها لتقع فيها تلك الأحصنة المعطوبة ومُعْلِفُوها وراكبوها، وبالتالي ما كان من الأميركي إلا التدخل لإيقاف جولة جنيف. هذا في الوقت الذي يواصل فيه الجيش العربي السوري توجيه الضربات الموجعة ضد العصابات الإرهابية المسلحة، سواء في حلب أو ريف دمشق أو حمص أو حماة ودرعا أو دير الزور. إلا أن من المؤكد أن الإسرائيلي الطرف الأصيل في المؤامرة على سوريا ومن معه من الحلفاء والعملاء والأدوات الإرهابية، مصعوقين اليوم ويتحسسون مواضع الضربة الموجعة التي وجهها الجيش العربي السوري بسيطرته الكاملة ـ وفي زمن قياسي ـ على مدينة يبرود أمس وتخليص المدينة من شر مستطير وتطهيرها من إرهاب تم تفريخه وتغذيته بالمال والسلاح والتدريب وبآلاف الإرهابيين والتكفيريين والمرتزقة، وفرار عناصر تلك العصابات مهزومة تجر أذيال الخيبة والحسرة والنكال، لتؤكد الحقيقة الثابتة عنها أنها مجرد عصابات مأجورة ومشغَّلة تم توظيفها لمشروع باطل يهلكون لأجله الحرث والنسل في سوريا وتحت العديد من الشعارات الكاذبة التي سقطت، سواء تلك التي رفعها معسكر التآمر من قبيل "الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان"، أو تلك التي رفعتها العصابات الإرهابية نفسها من قبيل "نصرة الشعب السوري ومساعدته على التخلص من الظلم" أو عبارات "الجهاد" من قبيل "سندافع حتى الشهادة والفوز بالحوريات في الجنة، واحفر قبرك في يبرود". ولذلك من الطبيعي جدًّا أن يشاهد العالم السقوط السريع واللافت للعصابات الإرهابية المسلحة رغم الدعم غير المحدود من المال والسلاح والدبلوماسية والضغوط السياسية من قبل القوى الداعمة لها. المشكلة أن هذه العصابات الإرهابية التي جلبت من مختلف أصقاع العالم، لا تريد أن تستمع للنصائح الأولى التي أسديت إليها، بأنها جيء بها إلى الفخ السوري لتلقى نهايتها، كما لا تريد أن تفهم أن من تعتقد أنه داعم لها ومساند لها مستعد للتضحية بها قبلًا حين يرى أن الحبل بدأ يلتف حول رقبته، ناهيكم عن أنها تؤكد ما أعلنته سوريا وعلى لسان رئيسها بشار الأسد منذ نشوب الأزمة بأن سوريا مستهدفة بمؤامرة عمادها الإرهاب.
إن سقوط يبرود درس استراتيجي في العمل العسكري بالنظر إلى بساطة الخسائر البشرية والمادية، وتجنيب المدينة الدمار وتجنيب سكانها التشرد، ولكنها في الوقت ذاته رسالة إلى الأغبياء والحمقى المراهنين على الإرهاب بأن إرهابهم قد ضرب في مقتل، وأن ارتداداته قادمة، وأن مشروعهم باء بالفشل لأن ما بني على باطل فهو باطل.