[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تستخدم الكثير من الفضائيات ووسائل إعلام عربية وإسلامية مصطلح " مسيئة " عند الحديث أو الكتابة ونشر أخبار مصدرها الولايات المتحدة عن التعذيب البشع الذي مارسه الأميركيون في معسكرات الاعتقال والسجون في افغانستان والعراق وقبل ذلك في المكان الأبشع في التاريخ معتقل "غوانتانامو" سيىء الصيت والسمعة والذي لو نطقت جدرانه لتحدثت عن فظاعات وبشاعة يشيب لها الولدان، رغم ذلك تصف وسائل الإعلام العربية والإسلامية بكل أسف تلك الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية بـ" المسيئة " وقبل أن نتحدث عن صور وحقائق كثيرة يعرف غالبيتها الكثيرون، نسأل وسائل الإعلام وهي بالمناسبة الغالبية العظمى من الفضائيات والصحف والإذاعات ومواقع إخبارية في شبكة الانترنت وتعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ناطقة بالعربية، سؤالنا ، لمن أساءت هذه المعلومات، هل أساءت لضحايا التعذيب والجرائم الوحشية التي طالت مئات الملايين من المعتقلين في سجون أميركا والحكومات التابعة لها، أم انها أساءت لتقاليد واخلاق المجتمعات العربية والإسلامية التي ينتمي الضحايا إليها، ام لعوائل الضحايا؟
ام أن المراد من تعميم وترويج عبارة "مسيئة " رمي الذنب في كل ذلك على أشخاص قليلين من مجرمي القوات الأميركية الذين مارسوا التعذيب والقتل داخل السجون الأميركية مثل أبو غريب وبوكا اضافة إلى 505 سجن ومعتقلات اخرى في مختلف انحاء العراق تواصل فيها التعذيب بعد 2003 حتى هروب هذه القوات تحت وقع ضربات المقاومة في العراق أواخر عام 2011 ، وداخل سجن باغرام في افغانستان والسجون الكثيرة الاخرى وقبل ذلك معتقل "غوانتانامو" الرهيب.
عندما تم الكشف عن نتف ضئيلة جدا عام 2004 عن جرائم الأميركيين في سجن أبو غريب، بعد أن اصبح الحديث عن تلك البشاعات ضد العراقيين والعراقيات حديث الناس في كل مكان، سارع الجيش الأميركي والسفارة الأميركية للإعلان عن محاكمة سبعة جنود بينهم امرأة مجندة، والتهمت وسائل الإعلام العربية والعالمية تلك الكذبة وأصبح الحديث عن هؤلاء السبعة فقط من الوحوش المجرمين، في حين كشف سجناء في أبو غريب وحده عن مئات الوحوش الذين يمارسون التعذيب في عام 2003 و2004 ، ولأن المعتقلين بالآلاف في هذا السجن فإن المحصلة النهائية يمكن أن تصل إلى أكثر من ألف سجّان يمارس التعذيب اليومي، وقد تواصل ذلك ليشمل مئات السجون في مختلف ارجاء العراق، وأنا شخصيا التقيت بمعتقلين قيض لي اللقاء بهم بعد سنوات من اعتقالهم، وما يروونه من قصص تزخر بإجرام الأميركيين بحق المعتقلين، رغم ذلك يأتي من يريد بل يصرّ على تبرئة هذا الجيش وقياداته العسكرية والسياسية من تلك الفظاعات وتصفها وسائل الإعلام بـ" المسيئة".
اعترف كبار المسؤولين في الاستخبارات الأميركية أن أوامر عليا صدرت للمحققين بممارسة التعذيب مع المعتقلين في غوانتانامو والعراق وأفغانستان والمعتقلات الكثيرة الأخرى التابعة للجيش الأميركي الغازي.
هل يجوز أن تشارك وسائل إعلام عربية وإسلامية المجرم في جريمته وتساعده نهارا جهارا في التغطية على كل تلك الفظاعات والجرائم البشعة التي ما زال شهودها أحياء ينطقون ويروون ما حصل لهم؟