[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
المتتبع لما تبثه وكالات الأنباء العربية والعالمية في الفترة الأخيرة، يلاحظ أن الأولى بدأت في السنوات القليلة الماضية تهتم بصورة أكثر وضوحا عن ذي قبل بزيادة الجرعة الثقافية ضمن تغطياتها الخبرية وتقاريرها ومتابعاتها للعمل الابداعي الثقافي بكل أجناسه الروائي والشعري والنثري والقصصي والمسرحي وغيره.
بهذا التوجه الثقافي الذي بدا اثره واضحا على الكثير من الصفحات الثقافية بالصحافة الورقية والالكترونية والاعلام المسموع والمرئي بالمنطقة العربية والذي يؤكد بفضل مهنيته على نسب ما ينقله الى الوكالات مصدر الخبر أو التقرير، يسود انطباع قوي لدى المتابعين بأن وكالات الأنباء العربية بدأت تفك أسرها السياسي، حيث ظلت منذ فجر استقلال الدول العربية منحصرة في تناولها على متابعة الشأن السياسي وإعطاء الأولوية القصوى له ، مما انعكس بالنتيجة على اهتمامات وسائل الاعلام التي تعتبر تلك الوكالات مصدرها الرسمي والأساسي.
وبهذا الانفكاك من الأسر السياسي للوكالات العربية، يستبشر المثقفون خيراً، بأن يؤدي ذلك التوجه إلى تعزيز الحراك الثقافي في النطاقات التي تغطيها تلك الوكالات بمختلف تصنيفاتها القطرية، وهذا يرجى منه توسيع دائرة الاهتمام بالمبدعين خصوصا ذوي المواهب الناشئة، فضلا عن انه سيساعد على الدفع بالانفتاح الثقافي بين الدول العربية بعضها البعض ، وذلك بعد حقبة من سيطرة تركيز برامج التبادل الثقافي بين الاذاعات العربية على الأخبار السياسية فحسب.
ان الاهتمام الواضح الأخير للوكالات العربية الأخبارية بالشأن الثقافي، ينذر ايضا بأمل التخفيف الاعلامي من جرعات الغم والكآبة التي لازمت أخبار الحروب والصراعات السياسية التي لازمت الاعلام العالمي والعربي خصوصا وأنه يباشر دوره في منطقة عمتها الصراعات طيلة العقود الماضية حتى اعتادت صفحاته وألسنة إعلامييه على مفردات تثير الرعب مثل قتل وانفجر، وغرق، ودمر، وهاجم، وسلب ونهب وغيرها.
ورغم أن فترة انصراف او تجاهل الكثير من وكالات الأنباء العربية عن الشأن الثقافي لسنوات طويلة قد ساعد على صقل مهارات الصحفي الثقافي في وسائل الاعلام العربية من خلال زيادة قدراته في صناعة الخبر الثقافي ومتابعته الحثيثة في البحث بجهودة الذاتية عن الخبر والفعالية الثقافية مما وسع من فرص التفرد الصحفي في المجال الثقافي، الا ان الانفتاح الأخير وبحكم ما سيوفره من أخبار وتقارير ثقافية، سيساعد وبشدة على الدفع بالصحفي الثقافي نحو البحث عن التميز والتفرد لتظل صفحاته مختلفة عن غيرها.
كما يبشر هذا الانفتاح الثقافي في وكالات الانباء الاخبارية العربية باتساع مساحة الابداع والتصرف في التعاطي مع الخبر والتقرير الثقافي الذي يحتمل ذلك الأمر بالقدر الذي يزيد من فرص التميز، وذلك على غير فترة الأسر السياسي التي كانت تعيشها تلك الوكالات مع جمود الأخبار السياسية التي تفترض حساسيتها نقلها كماهي عليه دون أي تصرف مما أضفى على بعض وسائل الاعلام العربية وليس الكل صفة الاتفاق الجمعي ووحدة الخبر لدرجة اعطت انطباعا لبعض القراء بأن قراءة صحيفة واحدة تعني قراءة كافة الصحف، وهذا اعتقاد خاطئ بالطبع.
وعليه وبهذا التوجه الثقافي الجديد، تكون وكالات الأنباء العربية، قد ادركت عبر دمائها الشبابية الجديدة اهمية المواكبة وإدراك حاجة كافة فئات القراء ومشاربهم، وذلك في وقت أدى فيه انغلاقها الطويل وتركيزها على الأخبار السياسية إلى اصابة الكثيرين بحالة من العزوف عن الأخبار السياسية التي لاحقتهم بها ايضا الفضائيات التلفزيونية في البيت والعمل والمقهى، فلجأ بعضهم الى البحث عن ماهو مختلف من ( الاسكيتشات) الخبرية الخفيفة وغيرالمنضبطة وغير الصحيحة ايضاً ... فعسى ان يسهم الاهتمام الإخباري بالشأن الثقافي في تعزيز الرقي الذي مازال سائداً في متابعة الجديد من الأحداث.