دمشق ـ العمانية: يعد متحف الخط العربي واحدا من المتاحف القديمة بمدينة دمشق في سوريا لاحتوائه على نوادر المخطوطات القديمة وكنوزتتعلق بالخط العربي ويهدف لرصد تطور الكتابة العربية عبر العصور ويقع في حي الكلاسة بالقرب من ضريح صلاح الدين الأيوبي ومن مدخل الجامع الأموي.ويتميز مبنى المتحف بأنه مربع الشكل ويحيط بجدرانه شريط حجري محفورة عليه كتابات تأسيسية، وتزين جدرانه من الخارج نقوش خفيفة وشعار الأمير جقمق المملوكي، وبوابة المتحف المرتفعة تعلوها مظلة مزينة.
وكان مبنى المتحف ميتما للأطفال عندما اجتاح المغول مدينة دمشق حيث تعرض للخراب والنهب كمعظم المباني الدمشقية آنذاك وبقي على حاله حتى أمر)سيف الدين جقمق
(بإنشاء مدرسة مكان الميتم المخرب وسمّاها بالمدرسة الجقمقية وهو بناء يضم ضريح الأميرالذي قُتل في قلعة دمشق وبجواره ضريح والدته، وفي عام 1925م تعرضت المدرسة لقصف الطائرات الفرنسية أثناء الاحتلال الفرنسي لـسوريا فأعيد ترميمها.
وتم تحويل هذه المدرسة إلى متحف للخط العربي في عام 1974م، ويحتوي المتحف على ثلاثة أقسام هي الصحن ـ قاعة العرض ـ التربة، والصحن رصفت أرضه بالحجارة الملونة والرخام في لوحات هندسية جميلة وفي وسطه بركة مثمنة مكسوة بالرخام والزخارف، اما قاعة العرض فترتفع قليلا عن الصحن وفيها عرضت مقتنيات المتحف ضمن خزائن عرض موزعة على كامل القاعة، وعددها 12 خزانة كبيرة و4 خزائن صغيرة.
وجدران القاعة الداخلية مكسوة بزخارف رخامية وفسيفساء ولوحات كتابية موزعة توزيعا متناسقا على الجدران وأجمل هذه الزخارف الشريط الكتابي وهو عبارة عن آيات قرآنية منقوشة بخط الثلث غاية في الدقة والروعة، وهو بذلك يدل على مدى تطور فن الزخرفة في العصر المملوكي وهناك المقبرة التي تقع في الجهة الشمالية الشرقية للمتحف.
ويحتوي المتحف على قطع أصلية أو منسوخة للكتابة العربية ويضم كتابات تعود لما قبل الإسلام، وأهم ما يميز هذه الفترة هو نقش )النمارة( أو كما يعرف بنقش امرئ القيس وهو مكتوب بخط نبطي قديم يعود إلى سنة /328/ ميلادي ويحتفظ متحف اللوفر في باريس بالنسخة الأصلية للنقش وهناك مجموعة من الكتب والمخطوطات والوثائق القديمة، وهي مكتوبة بخط جميل ومزينة بالتذهيب.
كما توجد كتابات على الفخار والمعادن والزجاج تعود إلى القرنين 12-15م، وكتابات مختلفة على "فرامانات" ووقفيات تعود إلى عصور إسلامية مختلفة و لوحة قبر زيد بن ثابت الأنصاري 64 هجرية، إضافة إلى مجموعة من وسائل الخط والأقلام والمحابر القديمة التي استخدمت في كتابة القرآن الكريم لأول مرة وأقلام بعض الصحابة وكبار علماء الإسلام، كما يضم المتحف مجموعة من أدوات الكتابة القديمة المصنوعة من الخزف الملون والمزينة بالزخارف النباتية وشهادة يحصل عليها طالب العلم آنذاك بعد أن يتم علومه في المدرسة.
ويحتوى المتحف على لوحة غاية في الأهمية تحكي تاريخ تطور الخط العربي في جميع مراحله من فترة ما قبل الإسلام إلى الفترة العثمانية وهي مقسمة إلى حقول توضيحية وكل حقل يدل على فترة زمنية حسب التسلسل الزمني ويضم المتحف مجموعة كبيرة من المخطوطات والوثائق التاريخية المنوعة.
كما يحوي المحتف صورة من الرسالة التي وجهها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة والأصل محفوظ في الجمعية الجغرافية البريطانية، ونماذج من خط كتابة الرسول صلى الله عليه وسلم برسائله إلى المقوقس والأصل محفوظ في متحف (طوب كابي) في اسطنبول، وفي المتحف العديد من النسخ النادرة للقرآن الكريم اكتشفت في مواقع أثرية سورية وصفحات من القرآن الكريم كتبت على ورق الغزال تعود للقرن الثالث للهجرة.
وهناك أشكال قديمة للخط كخط "الرقاع" و"الحيري" الذي كتب به العرب المناذرة في الحيرة، كما يقدم نماذج الخط العربي حسب التسلسل الزمني تعود للعصور الأموية والعباسية والأيوبية والمملوكية والعثمانية.
كما توجد في المتحف أوانٍ فخارية وزجاجية ونحاسية وجميعها مزينة ومزخرفة بخط عربي جميل وكتبت بعبارات متعددة قد تكون دعاء دينيا أو بعض الآيات القرآنية التبريكية أو أسماء بعض الملوك السلاطين.