موسكو ـ عواصم ـ وكالات: أفادت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو مستعدة لبدء صياغة آلية متعددة الجوانب بسرعة مع شركائها لتسوية الأزمة الأوكرانية تبنى على تأسيس نظام اتحادي، في وقت طلب فيه برلمان القرم رسميا من روسيا الموافقة على انضمام الإقليم عقب الاستفتاء الذي قابل الغرب نتائجه بالرفض والإعلان عن تطبيق حزمة من العقوبات على موسكو.
كما اقترحت روسيا على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تشكيل مجموعة دعم صغيرة لأوكرانيا تكون مقبولة بالنسبة لجميع القوى السياسية الأوكرانية. وجاء في بيان للوزارة أن "الجانب الروسي أوضح أكثر من مرة أن الوضع القائم في أوكرانيا لم تصنعه روسيا بل هو نتيجة أزمة عميقة في الدولة الأوكرانية أدت إلى استقطاب المجتمع وظهور خلافات حادة بين مختلف المناطق.
ومن الضروري أن يكون الهدف من جهود المجتمع الدولي هو المساعدة في التغلب على هذه الخلافات. انطلاقا من هذا الواقع ومع الأخذ بعين الاعتبار الدعوات الأميركية والأوروبية لروسيا وضعت موسكو اقتراحات لتنظيم المساعدة الخارجية للخطوات التي يجب أن يقوم بها الأوكرانيون أنفسهم للخروج من الأزمة". ونقلت روسيا اقتراحاتها هذه إلى الولايات المتحدة وأوروبا منذ أسبوع.
وأشارت الخارجية الروسية إلى ضرورة تعهّد المشاركين في المجموعة باحترام مصالح الشعب الأوكراني متعدد القوميات، ودعم السعي الشرعي لكل الأوكرانيين وكل المناطق للعيش الآمن وفق تقاليدهم واستخدام لغتهم الأم بحرية والتمتع بإمكانية الاستخدام الحر لمناهلهم الثقافية والحفاظ على صلات واسعة مع مواطنيهم وجيرانهم. كما تصر الخارجية الروسية على ضرورة منع العقيدة النازية الجديدة وضرورة تخلي ساسة أوكرانيا عن القوميين المتطرفين، ومنع الأخيرين من زعزعة الاستقرار في مختلف المناطق، وكذلك الاعتراف بالأهمية الكبرى للسلام المدني والوفاق الوطني في أوكرانيا من أجل تحريك العلاقات البناءة في المنطقة الأوراسية على أساس المساواة في الحقوق واحترام مصالح كل دول المنطقة.
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن هدف مجموعة الدعم المقبلة هو تشجيع الأوكرانيين على تنفيذ المهام الرئيسية وبينها تنفيذ التزامات اتفاق 21 فبراير الماضي الخاصة بنزع السلاح غير الشرعي وتحرير المباني والشوارع المحتلة وتنظيم تحقيق موضوعي في أعمال العنف التي شهدتها أوكرانيا بين ديسمبر عام 2013 وفبراير عام 2014.
وتصر روسيا على ضرورة عقد مجلس دستوري يشارك فيه ممثلون عن كل المناطق الأوكرانية لإعداد الدستور الأوكراني الجديد الذي يقضي بسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان وكل الأقليات القومية وحرية التعبير ونشاط الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والمبادئ الأخرى الضرورية لجعل أوكرانيا دولة ديمقراطية ذات سيادة بوضع سياسي وعسكري محايد. في الوقت ذاته تعتبر موسكو ضروريا منح اللغة الروسية صفة اللغة الثانية للدولة ومنح اللغات الأخرى صفة وفق الاتفاقية الأوروبية حول اللغات الإقليمية ولغات الأقليات.
كما ومن الضروري أن تنتخب المناطق الأوكرانية هيئات سلطاتها التشريعية والتنفيذية عبر التصويت المباشر المستقل وأن تكون لديها صلاحيات واسعة تعكس الخصائص التاريخية والثقافية لكل منها في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وكذلك في مجالات اللغة والتعليم والاتصالات الخارجية وحماية حقوق الأقليات القومية. وتشير الاقتراحات الروسية أيضا إلى ضرورة حظر التدخل في شؤون الكنيسة والعلاقات بين الأديان.
وبعد مصادقة المجلس الدستوري على مشروع الدستور الجديد على أساس توافق كل المشاركين فيه، يجري استفتاء حول الدستور، تليه انتخابات عامة تحت رقابة دولية لتعيين أجهزة السلطة العليا وكذلك انتخابات على المستوى المحلي. وفي الوقت نفسه ترى موسكو ضرورة اعتراف كييف بحق القرم في تقرير مصيرها وفق نتائج الاستفتاء الذي جرى في شبه الجزيرة في الـ 16 من مارس. وبعد تنفيذ كل هذه الشروط ستضمن روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عبر قرار دولي حول أوكرانيا نظام الحكم الأوكراني وسيادة الدولة الأوكرانية ووحدة أراضيها ووضعها السياسي والعسكري المحايد.
وفي سياق متصل توجه المجلس الأعلى لجمهورية القرم (البرلمان) إلى موسكو بطلب قبول القرم في قوام روسيا الاتحادية بصفة وحدة إدارية كما طالب المجتمع الدولي بالاعتراف باستقلال الاقليم واحترام خياراته. وجاء في قرار صدر عن المجلس الأعلى الذي اجتمع امس لبحث نتائج الاستفتاء الذي جرى في الجمهورية امس الأول: "تتوجه جمهورية القرم ممثلة في المجلس الأعلى لها إلى روسيا بطلب قبولها في قوام روسيا الاتحادية كوحدة إدارية جديدة ومع الحفاظ على وضعها القانوني كجمهورية". وكانت نتائج فرز 100% من أصوات الناخبين، قد أشارت إلى أن نحو 97 % ممن شاركوا في الاستفتاء، أيدوا انضمام القرم لروسيا الاتحادية.
من جهة أخرى تبنى الاتحاد الأوروبي أمس عقوبات بحق 21 شخصية اوكرانية وروسية تعتبر مسؤولة عن الحاق القرم بروسيا، كما اعلن وزير الخارجية الليتواني.
وقال الوزير ليناس لينكيفيسيوس على حسابه على تويتر ان وزراء الخارجية الاوروبيين "قرروا للتو فرض عقوبات - قيود على السفر وتجميد ارصدة - ضد 21 مسؤولا اوكرانيا وروسيا".
وأوضحت مصادر دبلوماسية ان العقوبات تستهدف 13 مسؤولا روسيا وثمانية اوكرانيين موالين للروس.
واعلن لينكيفيسيوس ان الاتحاد الاوروبي سيتخذ "عقوبات اضافية خلال الايام المقبلة". واعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون أمس قبل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل "نحاول توجيه أقوى رسالة ممكنة إلى روسيا كي تدرك مدى جدية المسألة" غداة الاستفتاء "المزعوم" في القرم.
وهذه العقوبات غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وروسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وهي عبارة عن المرحلة الثانية من "الرد التدريجي" الذي اتفق عليه رؤساء الدول والحكومات الاوروبيين في اول اجتماع طارئ حول اوكرانيا في السادس من مارس.
واوضحت مصادر دبلوماسية ان هذه اللائحة الاولى من العقوبات يفترض ان لا تشمل اعضاء في الحكومة الروسية.