كتب ـ مصطفى بن احمد القاسم:
دشنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية صباح أمس كتاب التفاهم "دراسات في تاريخ علم الكلام والفلسفة" والذي تصدره الوزارة بالتعاون مع مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت ضمن سلسلة دراسات تاريخية في الفلسفة والعلوم في الحضارة العربية الإسلامية بإشراف البروفيسور رشدي راشد وبمشاركة عدد من الكتاب والعلماء والمؤرخين في هذا المجال.
وقال البروفيسور رشدي راشد ان إصدار السلسلة الجديدة تم بالتعاون مع جامعة كامبردج وبالتعاون مع إحدى المجلات العلمية العريقة في باريس والتي مضى على إصدارها 25 عاما تعنى مقالاتها بالعلوم والفلسفة العربية الإسلامية حتى اصبحت هذه المقالات مرجعا اساسيا للعاملين في الميادين المعنية وفي شتى العلوم حيث جاء اهتمام وزارة الاوقاف والشؤون الدينية وفي مقدمتها معالي الشيخ عبد الله بن محمد السالمي والاهتمام الكبير من قبل معاليه في ان تصبح هذه السلسلة مرجعا للمهتمين في الوطن العربي كافة وطلبة وأساتذة الجامعات .
وقال البروفيسور رشدي راشد خلال حفل التدشين ان الجزء الأول من هذا المشروع يحتوي على 500 صفحة وهو جاهز للتوزيع فيما سيكون الجزء الثاني من هذه السلسلة على وشك الانتهاء ويهتم بالفلسفة وعلوم الفارابي وابن سينا بالإضافة الى أننا على وشك الانتهاء من الجزء الثالث.
واضاف انه يجري اختيار المقالات بعناية شديدة جدا حتى أن ما يقارب من 70% من المقالات يتم رفضها نظرا لعدم موافقتها للمضامين المطلوبة والمعايير الموضوعة في هذه السلسلة من الإصدارات.
من جانبه قال الدكتور عبد الرحمن السالمي رئيس تحرير مجلة "التفاهم" اخترنا للكتاب المتخصص خطين هما الترجمة في مجالي علم الكلام والفلسفة وترجمة الدراسات المعنية بتاريخ العلوم البحتة والتطبيقية في الثقافة العربية الإسلامية الوسيطة ونشر دراسات تتأمل في العلاقات بين المتكلمين والفقهاء من جهة والفلسفة والفلاسفة من جهة ثانية مشيرا الى أن الوزارة تهدف من خلال هذه السلسلة من الإصدارات الى ما يمكن تسميته نسب العلم بمعنى انتقال التقاليد العلمية بين الأزمنة الكلاسيكية والمجال العربي الإسلامي وانتهاء تلك السيرورة بتقاليدها وكشوفها الجديدة الى المجال الأوروبي منذ القرن الثاني عشر الميلادي وما بعد والتي ستكون مفيدة جدا للأساتذة العرب المهتمين ولقراء المجلة.
وفي تعليق لمعالي الشيخ عبد الله بن محمد السالمي وزير الاوقاف والشؤون الدينية مدون في مقدمة الإصدار الاول لهذه السلسلة قال: بدأت الفكرة في مجلة التفاهم قبل عشر سنوات حينما تطور لدينا الاهتمام بالموروث الفلسفي والعلمي العربي والإسلامي ، واستكتبنا بعض الدارسين العرب والغربيين في تاريخ الفلسفة العربية ، وتاريخ العلوم العربية ، وقد كان من ضمن الاهتمامات البحث في الأصالة في الحقلين الفلسفي والعلمي ، وهو الأمر الذي اعتاد عليه الباحثون العرب منذ أكثر من نصف قرن ، مع ظهور مدرسة الشيخ مصطفى عبد الرازق في دروسه في تاريخ الفلسفة العربية في جامعة القاهرة وفي كتبه في المناحي الفلسفية والفكرية .
بيد أن الاهتمام الآخر ، اهتمام التواصل والتلاحم بين الأمم والثقافات في القديم والحديث ، جعل من الملف الأول مبحثا ثانويا ، إلا أن نهج مصطفى عبد الرازق الجديد أضاف إلى تيارات الفكر الفلسفي العربي القديم : أصول الفقه ، وعلم الكلام ، والتصوف ، ولذا فإن هذا المفهوم الواسع للتفكير الفلسفي العربي القديم جعل من الفلسفة وتاريخها أمرا هو في صلب اهتمامات المجلة .
وقال معاليه لقد عرفت أعمال البروفيسور رشدي راشد في تاريخ الرياضيات فلسفة العلوم وفي أعماله الأكاديمية المتميزة في مؤسسات البحث العلمي والمراكز العلمية الدولية وكان من أهم ما أظهرته دراساته الارتباط الوثيق بين التفكير الفلسفي والتفكير العلمي وبين الممارسة الفلسفية والممارسة العلمية في العلوم البحتة والتطبيقية ، وهذا تقليد كلاسيكي يوناني وروماني ورثه العرب والأوروبيون العصور الوسطى عنهم ، وبذلك فقد كان كبار الفلاسفة العرب والمسلمين والأطباء والرياضيين وعلماء المناظر قد شهدوا شيئا من المعرفة والتفكير الفلسفي ، والبروفيسور رشدي راشد يرعى منذ أكثر من عشرين عاما مجلة علمية وتاريخية عن العلوم العربية والفلسفة تصدر عن جامعة دار كمبردج للنشر وينشر فيها دارسون بارزون في هذه الموضوعات بالإنجليزية والفرنسية .
وبسبب أهمية هذه المسائل وحساسيتها لفهم مناح معينة في الحضارة العربية والإسلامية وبسبب العناية أيضا بالبحوث العلمية والأكاديمية المتخصصة في تاريخنا الثقافي والحضاري وإرادة اطلاع دوائر أوسع على هذه البحوث المتقدمة فقد اتفقنا مع البروفيسور رشدي راشد على إصدار مختارات في ستة أجزاء من خيرة بحوث المجلة في العقدين الماضيين ، بعنوان "دراسات تاريخية في الفلسفة والعلوم في الحضارة العربية ـ الإسلامية " يعرض من خلالها الأستاذ رشدي راشد ما يعتبره أهم ما نشر في المجلة لثلاث جهات : جهة العلائق بين العلوم والفلسفة في الحضارة العربية وجهة كشوفات المتكلمين المسلمين الفلسفية ، وجهة فلسفة الدين المقارنة واسهامات المسلمين فيها .
ونحن نأمل في جني فائدة كبيرة من وراء هذه السلسلة النيرة ، ونشكر البروفيسور رشدي راشد على جهوده وإسهامه ، حيث أتى كتاب السلسلة الأولى بهذه الحلة القشيبة اختيارا وترجمة ونشرا .